فتاة الدعوة المدير العام صاحبة المنتدى
عدد الرسائل : 260 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 10/11/2007
| موضوع: أبو البنات..! الإثنين ديسمبر 03, 2007 11:55 am | |
|
يجب أن نعترفَ ونقرَّ بأن عقلنا البشري- مهما تقدَّم وارتقى- له قدرة محدودة.. إنه لونٌ من ألوان الطاقات المختلفة التي حبانا الله بها، نحن المخلوقات الحية قد نستطيع أن نكتشف دواءً قاتلاً لنوعٍ معيَّنٍ من الميكروبات، وقد نجد وسيلةً جراحيةً لاستئصال جزء فاسدٍ أو مريضٍ من جسم الإنسان، وقد نعطي العاقِر أو العقيم دواءً معينًا ليشفيها من العقم في بعض الأحيان؛ لكن هل نستطيع أن نتحكم في نوع الجنين؟! كان صديقنا الأستاذ "مصطفى" سعيدًا عندما رزقه الله بابنته الأولى، ولم يتألم كثيرًا عندما رزقه الله بالبنت الثانية ثم الثالثة؛ لكن عندما ولدت زوجته البنت الرابعة تغير بقليل من الحَنَق والغيظ.. لقد شعر برغبةٍ حارقةٍ في أن تنجب امرأته ذكَرًا بعد هذه السنوات من الزواج. هو لا يدري لماذا هذه الرغبة الشديدة؟ هل لأن مجتمعنا قد ترسَّبت في أعماقه عقدة المرأة؟ ثم التقاليد القديمة والنظرة البالية لكل ما يأتي من النساء، وارتباطهن بقيم الشرف والفضيلة والطهر والعفاف، ثم العار الذي يلحقهن إذا ما سقطن في الرذيلة، وارتكبْن حماقةً من الحماقات؟ أم لأن المجتمع ما زال ينظر إلى الرجل على أنه حامي الحِمى، والمُدافع عن الحي أو القبيلة؟ ومع كل ذلك فقد تظاهر الأستاذ "مصطفى" بالرِّضا والهدوء وابتسم في وجه زوجته، وهنأها بسلامة الوضع، وقَبَّل الطفلة الصغيرة الجميلة؛ لكنَّ دمعةً أفلتت على الرغم منه، لقد أخذ ينظر إلى الملامح الدقيقة للطفلة الوليدة المُغْمَضة العينين، تُرى ما ذنبها؟! إنها لم تخلق نفسها، هكذا خلقها الله أنثى، فلماذا يغضب "مصطفى" ويثور؟! إنه أمرٌ خارج عن إرادته تمامًا، وخارج عن إرادة زوجته، وعن إرادة هذه الطفلة الصغيرة الجميلة التي لا يتجاوز وزنها الثلاثة كيلو جرامات. وفكر الأستاذ "مصطفى" هل يكتفي بهذا القدر؟ أم يستمر حتى يرزقه الله بالولد المنتظر؟ أو بولي العهد كما يسميه الأصدقاء؟ حسنًا.. فليستمر.. وليمنح زوجته فرصةً خامسةً؛ لعلَّها تنجب الولد المُرْتَقب، وطوال ذلك العام كان الأستاذ "مصطفى" يسأل الأطباء عن صفات الجنس، وكيف يكون الجنين ولدًا وكيف يكون بنتًا؟ وهل استطاع العلماء في حياة التجارب أن يفعلوا شيئًا يريح القلوب التَّعِسَة التي تبحث عن الابن الذي يحمل اسم أبيه ولَقَبَه وثروته؟ ولم يكتفِ بذلك؛ بل أخذ يبحث عن الكتب العلمية التي تتناول مثل هذه الموضوعات، وكذلك المجلات المختلفة، يلتقط منها الأخبار والتجارب الجديدة. أصبحت هذه القضية شغله الشاغل، ودارت به الأرض، وصرخ قائلاً: "مستحيل.. بنت خامسة؟ إن الأقدار- لا شك- تنتقم مني، أنا لم أفعل شيئًا أستحق عليه مثل هذه العقوبة"، وأخذ يدقُّ الأرض بقدمه المتمرِّدة الثائرة، قالت له الحكيمة: "ما لها البنت؟ إنها الآن تتعلم، وتنتج، وتعمل مثل الرجل تمامًا، وأنت مَن أتت بك إلى الدنيا؟ امرأة، أليس كذلك؟ أتريد أن تتحدى المشيئة الإلهية؟ حاشا لله". كان "مصطفى" في حالةٍ يُرثى لها، ومع ذلك فقد كان يفكِّر كيف أن الإحصاءات العالمية تؤكد أن نسبة الرجال أعلى من نسبة النساء، فلماذا تختل النسبة في منزله هو بالذات، الحريم مائة في المائة والرجال صفر، هل كُتِبَ عليه أن يُصَحِّح الخلل الناجم في نِسَبِ الذُّكور والإناث؟ ولماذا لا تتجمَّع بويضات وحيوانات منوية ذات عوامل ذكورة؟ حسنًا.. فليستمر حتى يرى نهاية اللُّعبة، إن العمر يتقدم به، وهو لم يزل يحلم بالولد الذي يحمل اسمه، ويرث أمواله.. وحياته تَظْلَمُّ شيئًا فشيئًا.. وكثير من الأعراض المرضية تزحف عليه.. أصبح كل يومٍ يزور طبيبًا من الأطباء، تارةً يشكو من خَفَقان أو ضربات زائدة في القلب.. وتارةً أخرى يشكو من عسر الهضم، أو من ضيق التنفس، أو الأرق، أو الاكتئاب، وأخذت غرفته تزداد بعدد من العقاقير الطبية المتنوعة.. وعندما رُزِقَ الأستاذ "مصطفى" بالبنت السادسة أصيب بانهيارٍ عصبيٍّ نُقِلَ على أَثَرِه إلى إحدى مصحَّات الأمراض النفسية؛ حيث قضى هناك شهرًا بأكمله، وكظمت زوجته أساها، لم تكن تتكلم، كانت تضمُّ وليدتها إلى صدرها في حنان، وتبكي في صمتٍ ولا تكاد تُبِين. في المرة السابعة لم يلق الأستاذ "مصطفى" بالاً لكل ما يجري حوله، لقد بدا له ولمن معه أن إحساسه إزاء هذه القضية قد تبلَّد.. لم يعد يكترث لِمَا سيأتي أو ستأتي، سوف يقابل الحياة وأحداثها بالسخرية والازدراء، هكذا الحياة.. إذا ركلتها ركعت تحتَ قدميك، وإن تعشقها وذُبْتَ فيها حبًّا أهملتك وتركتك.. هكذا كان يُحَدِّث نفسه.. الشيء الجديد هذه المرة، أن زوجته عند الوضع أخذت تنزف.. كانت الدماء قليلة في البداية.. لكنها أخذت تزداد.. فسارع باستدعاء الطبيب، وتم نَقْلِهَا إلى المستشفى، وأُجْرِيت لها عمليات نقل دم وإسعافات مستعجلة؛ لكن الأوان قد فات.. ماتت الزوجة بعد أن وضعت طفلاً ذكرًا.. ميتًا..!! ونظر الأستاذ "مصطفى" إلى الجثَّتين في عتابٍ.. كان شاحب الوجه، مرتجف الوصال، زائغ النظرات، وقال- في خضوع وتعاسة لا مثيل لها-: "لماذا..؟ لماذا تتركاني وحدي؟؟ كنت أريدكما.. وربتت على كتفِه ابنته الكبرى.. وكان أخواتها الخمس يقفن إلى جوارها في طابور صغير، ودموعهن على خدودهن.. وهمَّ الأستاذ "مصطفى" وضمَّهنَّ جميعًا إلى صدره- وهو يتمتم-: "إنا لله وإنا إليه راجعون" وصمت بُرهة ثم عاد يقول: "كنت كالظامئ طوال حياتي.. ومع آلامي البشعة أشعر أن الله قد سكب في قلبي الآن رضًا من نوع غريب.. ولا حيلةَ لنا في أمورٍ تخرج عن نطاق إرادتنا كَبَشَر..". |
| |
|
رجل الأقصى مشرف رغد فلسطين الحبيبة
عدد الرسائل : 120 العمر : 28 البلد : طولكرم الوظيفة : طالب تاريخ التسجيل : 20/11/2007
| موضوع: رد: أبو البنات..! الإثنين ديسمبر 03, 2007 11:44 pm | |
| جزاكي الله خيرا اختي فتاة الدعوه | |
|
امل فلسطين مشرفة القسم الاسلامي
عدد الرسائل : 37 العمر : 36 البلد : الجزائر الوظيفة : طالبة جامعية تاريخ التسجيل : 04/12/2007
| موضوع: رد: أبو البنات..! الثلاثاء ديسمبر 04, 2007 10:41 am | |
| السلام عليكم بارك الله فيكي اختي الغالية فتاة الدعوة على هذا الموضوع الرائع | |
|
فتاة الدعوة المدير العام صاحبة المنتدى
عدد الرسائل : 260 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 10/11/2007
| موضوع: رد: أبو البنات..! الإثنين ديسمبر 10, 2007 9:24 am | |
| جزاكم الله الجنة للمرور العطر في ميزان حسناتك | |
|
نبع الحنان مشرف رغد العام
عدد الرسائل : 40 تاريخ التسجيل : 23/11/2007
| موضوع: رد: أبو البنات..! الإثنين ديسمبر 17, 2007 4:29 am | |
| بارك الله فيكي يا فتاة الدعوة بجد موضوع بستحق فيه النقاش المجتمع الحالى هوا الذى يفرض على الانسان يعمل هيك ومجتمعنا متخلف جدا ومهما قلنا كلها خلقة الله ما بيأمنو بالله وبحطوا الحق على المرأه ليش لانو تخلف عقلي في مجتمعنا الحالى يعطيكي الف الف عافية على هذا الموضوع الرائع وانا بهنيكي على هذا الموضوع تحيتي لكى | |
|
فتاة الدعوة المدير العام صاحبة المنتدى
عدد الرسائل : 260 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 10/11/2007
| موضوع: رد: أبو البنات..! الجمعة ديسمبر 21, 2007 7:53 am | |
| جزاك الله الجنة أختي الحبيبة جعل الله مرورك في ميزان حسناتك | |
|
بلسم رغد جديد
عدد الرسائل : 21 العمر : 35 البلد : غزة الوظيفة : طالبة جامعية تاريخ التسجيل : 16/01/2008
| موضوع: رد: أبو البنات..! الأربعاء يناير 16, 2008 4:18 am | |
| | |
|
فتاة الدعوة المدير العام صاحبة المنتدى
عدد الرسائل : 260 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 10/11/2007
| موضوع: رد: أبو البنات..! الأربعاء يناير 16, 2008 4:20 am | |
| جزاك الله الجنة للمرور المميز | |
|